الأحد، ديسمبر 05، 2010

الي المختفين.. سلاماً


من شهور اختفت صديقتي عبر الفضاء السيبري ،من سنوات قليلة اختفت بائعة الخبز ،ومن سنوات غير قليله اختفي ابي، ومن ايام قليلة اختفي بائع الادوية المجاور الذي اعتدت التعامل معه يومياً لسنوات،الاختفاء القسري بالموت أو الارادي بالهروب او الطبيعي بالسفر والزواج وصار يشكل هوسا لي لا اعرف الحقيقة هل الهوس لامراة عاشت نصف عمرها في مدن مختلفة وسكن مختلف ،ثم ارادت الاستقرار اخيرا وبناء عالم هادئ ومنتظم ،فصارت تلك الغيابات تثير جنونها!

أم ان الهوس هو الارتباط النفسي باشخاص_ قدرهم ان يكونوا عابرين في حياتي_ واعطاءهم تلك المساحة و تلك الاهمية! وان اظل رهينة للبحث عن تفسيرات واسباب ومنطق ذلك الغياب بشكل مستمر، فتُحال حياتي الي جحيم خوفاً من اختفاء البقية الباقية، ومحاولات قاسية لتدريب النفس التخلي أو التشبث بالبشر والحنين للاماكن وتوطين النفس علي طبع البداوة والترحل كقمة لمشاعر الاستغناء والترفع واثبات للقوة الملازمة للنضج وانسلاخ نهائي من عالم الطفولة، يحافظ البعض علي ذواتهم بابقاء تلك المسافة الفاصلة بينهم وبين الاخرين، بعلامات مميزة كالتواصل بالرسائل القصيرة مثلا دون اللجوء للهاتف الارضي ،او التواصل المتباعد غير المنقطع عبر شبكات التواصل الاليكتروني عوضا عن التزاور والخروج سويا كأصدقاء حقيقييين في عالم حقيقي وربما مدينة واحدة،احاول ان اصنع مثلهم كثيرا ما انجح وأري نهاية العلاقة فور بدايتها بل وفرت لي الخبرة القدرة علي تقدير"عمر "تلك العلاقة ، واستمتع مع صديقتي بالجلوس معا في الهواء الطلق نشرب كوب الشاي او الكابتشينو بينماتشي عينيها ان ما بيننا قد يعيش قرابة ثلاثة اعوام وعلي اقصي تقدير اربعة!

والحقيقة ان الثلاث اعوام وعبر استطلاع رأي غير ميداني وغير علمي ولا تدعمه اي اسانيد مقبولة هو التقدير المتوسط للعلاقة الحقيقية بين امراتين بعد ذلك تصبح العلاقة التزام اجتماعي مثل زيارة الاهل في الاعياد..

علي اتقبل وجود البعض علي هامش الهامش في الحياة واعرف ان هذا الهامش الذي يجب علي القبول به، لا يعني جفوة أو كراهية ولكن يعني اني لم اعد أو لم يعد الاخرين في احتياج الي ذلك الونس الانساني بيننا،علي ان اتقبل كامراة متزوجة ولها حياة مستقلة وزوج واطفال ان صديقتي قد تزوجت وصارت امأ في شهور قليله وانها ربما لا تستطيع توفير تلك المساحة الكبيرة الدافئة التي كنت استضيفها فيها علي ضفاف قلبي، وربما اعطي نفسي تبريرا ان الاخرين ربما لا يمتلكون تلك المهارة ان يستطيعوا استضافة الاخرين في هوامش حياتهم، اكتب تلك السطور وعلي وجهي ابتسامة اخشي ان تشي كلماتي بلوعةاو شجن غير حقيقي وربما حقيقي، لا شيئ يهم، الاهم ان تحمل ودتحية وسلام حقيقي الي هؤلاء الراحلين والمختفين والباقين والقادمين علي روحي وأيامي.


..........
الدنيا لو كشرت محمد طه