مَهما يَكُنِ الْتِبَاسُ المعنى، في ما يجري، فالمشْهدُ يَبْدُو حافِلاً بالمَجاز.
الاستعاراتُ القَدِيمَةُ لا تَصْلُحُ لقراءَةِ لُغَةٍ جَاءَتْ خالِيَةً مِنْ تَرفِ اللِّسَان.
" الشعْبُ يُريد... " شَجَرَ تُفَّاحٍ، لِيَطْردَ الشيْطانَ من لِسَانِ آدَمَ. وَدَالِيَةَ عِنَبٍ، لِيَسْقِي بِشفَافَتِها، شغَفَ اللِّسَانِ. وَعَربَةً، لِيَسُوقَ بها الغَمامَ إلى حقولٍ طالَما رَاوَغَها المَطَرُ.
" الشعْبُ يُريدُ ... " وَتَراً، لِيُضْفِي شَجَناً على ما كانَ في الغِناءِ منْ نَشَازٍ.
كَمْ يَلْزَمُنَا مِنَ الوَقْتِ لِلْخُروجِ مِنْ هَذِهِ الظُّلَمِ الَّتِي خَذَلَتْ جُوعَنَا
وأَتَتْ عَلى مَا كُنَّا افْتَرَضْنَا أَنَّهُ الضَّوْءُ الَّذِي بَدَا فِي آخِرِ النَّفَقِ ؟
لَمْ تَكُنِ الشَّمْسُ تَشْبَعُ، لِفَرْطِ هَشَاشَتِها، مِنْ خُبْزٍ، كَانتْ غُيُومٌ عابِرَةٌ أجَّجَتْ زَرْعَهُ، وأَفْضَتْ بالضَّوْءِ إلى نَهَارٍ، خَبَا، كَلَمْحِ بَرْقٍ.
مَا هَذَا الظّلاَمُ الَّذِي يَأْكُلُنَا ؟
ظُلُمَات وَرَاءَهَا ظُلُمَات
أَلِهَذَا الحَدِّ تَخْذَلُنَا السَّمَاءُ،
وَالأرْضُ، لَيْسَتْ في ما أَظُنُّ، سِوَى انْعِكَاسٍ لِنَارٍ نَائِمَةٍ
ديوان ابر عمياء/ صلاح ابوسريف
هناك تعليقان (2):
مذهل !
لقد بحثت عن القصيدة ثم بحثت عن الشاعر و قرأت له قصائد كثيرة .. اخترتِ جيدا بعض الأبيات الرائعة من القصيدة .. لكنها جعلتني أفكر في القصيدة بشكل معين كونها موافقة لأوضاع معينة راهنة .. لكن عندما قرأتها كاملة ذهلت .. انها تحفة فنية تتجاوز فلسفتها كل التفاصيل و كل الأحداث العابرة .. القصيدة من أولها لآخرها ملحمة عظيمة تتأمل الوجود و الحب و الانسانية و تبحث معني الحياة لو أن لها معني و تضرب في ظلمات الجهل و اليأس و الضياع ضرب الغريق الذي يعرف أنه سيغرق لكن لا يملك سوي ضرب المياه .. و ترثي قسوة القلوب و تحجر العقول و انطماس البصائر الذي يحاصرنا و يكاد يقتلنا مهما قاومنا و صرخنا! .. هذا الرجل رائع .. و اكتشافه شئ عظيم .. لا أعرف هل أنا شديد الجهل لأني لم أسمع عنه قبلا أم أن عصر التخلف الذي نعيشه هو الذي يجعل من شاعر معاصر محترم مثله مغمورا ؟!! .. شكرا لرسالتك التي قادتني له .. رغم الواقعية السوداء التي بها .. هو نفسه نقطة بيضاء واهنة في قلب هذه الظلمات التي تحاصرنا .. و لا تبدو لها نهاية !!
أختيار رائع :)
إرسال تعليق